كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال العلائي‏:‏ والمراد بالحجاب نفي المانع الردّ فاستعار الحجاب للردّ فكان نفيه دليلاً على ثبوت الإجابة والتعبير بنفي الحجاب أبلغ من التعبير بالقبول لأن الحجاب من شأنه المنع من الوصول إلى المقصود فاستعير نفيه لعدم المنع ويخرج كثير من أحاديث الصفات على الاستعارة التخيلية وهي أن يشترك شيئان في وصف ثم يعتمد لوازم أحدهما حيث يكون جهة الاشتراك وصفاً فيثبت ذلك للمستعار مبالغة في إثبات المشترك وقد ذكر الحجاب في عدة أحاديث صحيحة واللّه سبحانه منزه عما يحجبه إذ الحجاب إنما يحيط بمقدار محسوس لكن المراد بحجابه منع أبصار خلقه أو بصائرهم بما شاء وكيف شاء وإذا شاء كشف ذلك عنهم‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لصحته وليس كما ظن فقد أعله الهيثمي وغيره بأن فيه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي وهو ضعيف وجزم المنذري بضعفه ثم قال‏:‏ لكن له شواهد‏.‏

4208 - ‏(‏دع عنك معاذاً‏)‏ أي اترك ذكره بما ينقصه أو يزري به والمراد ابن جبل ‏(‏فإن اللّه يباهي به الملائكة‏)‏ أي ‏[‏ص 528‏]‏ بعبادته وعلمه وهذه منقبة شريفة لمعاذ ولذلك يأتي يوم القيامة أمام العلماء بربوة كما في حديث‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي في النوادر ‏(‏عن معاذ‏)‏‏.‏

4209 - ‏(‏دع داعي اللبن‏)‏ أي أبق في الضرع باقياً يدعو ما فوقه من اللبن ولا تستوعبه فإنه إذا استقصى أبطأ الدر وفي رواية ولا يجهد، أي لا تستقصه والجهد الاستقصاء قال الشماخ‏:‏ من ناصع اللون حلو غير مجهود‏.‏ ذكره كله الزمخشري‏.‏ وهذا قاله لضرار حين أمره بحلب ناقة‏.‏

- ‏(‏حم تخ حب ك عن ضرار‏)‏ بكسر الضاد المعجمة مخففاً ‏(‏ابن الأزور‏)‏ واسم الأزور مالك بن أوس الأسدي كان بطلاً شاعراً له وفادة وهو الذي قتل مالك بن نويرة بأمر خالد بن الوليد أبلى يوم اليمامة بلاءً عظيماً فقطعت ساقاه فجعل يحبو ويقاتل حتى قتل‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ رواه أحمد بأسانيد أحدها رجاله ثقات‏.‏

4210 - ‏(‏دع قيل وقال‏)‏ مما لا فائدة فيه ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ‏(‏وكثرة السؤال‏)‏ عما لا يعني ‏(‏وإضاعة المال‏)‏ صرفه في غير حله وبذله في غير وجهه المأذون فيه شرعاً‏.‏

- ‏(‏طس عن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال أوصني فذكره رمز المصنف لصحته وهو غير صحيح فقد قال الحافظ الهيثمي وغيره‏:‏ فيه السري بن إسماعيل وهو متروك‏.‏

4211 - ‏(‏دع ما يريبك‏)‏ أي يوقعك في الشك والأمر للند ب لما أن توقي الشبهات مندوب لا واجب على الأصح ‏(‏إلى ما لا يريبك‏)‏ أي اترك ما تشك فيه من الشبهات واعدل إلى ما لا تشك فيه من الحلال البين لما سبق أن من اتقى الشبهات فقد أستبرا لعرضه ودينه قال القاضي‏:‏ هذا الحديث من دلائل النبوة ومعجزات المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فإنه أخبر عما في ضمير وابصة قبل أن يتكلم به والمعنى أن من أشكل عليه شيء والتبس ولم يتبين أنه من أي القبيلين هو فليتأمل فيه إن كان من أهل الاجتهاد ويسأل المجتهدين إن كان من المقلدين فإن وجد ما يسكن إليه نفسه ويطمئن به قلبه وينشرح صدره فليأخذ به وإلا فليدعه وليأخذ بما لا شبهة فيه ولا ريبة هذا طريق الورع والاحتياط وحاصله يرجع إلى حديث الحسن الآتي‏.‏

- ‏(‏حم عن أنس‏)‏ ابن مالك قال الهيثمي‏:‏ فيه أبو عبد اللّه الأسدي لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح ‏(‏ن عن الحسن بن علي‏)‏ أمير المؤمنين ‏(‏طب عن وابصة‏)‏ بكسر الموحدة وفتح المهملة ‏(‏بن معبد‏)‏ بن عتبة الأسدي نزيل الجزيرة ‏(‏خط عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

4212 - ‏(‏دع ما يريبك‏)‏ بضم الياء وفتحها أكثر رواية ‏(‏إلى ما لا يريبك‏)‏ أي اترك ما اعترض لك الشك فيه منقلباً عنه إلى ما لا شك فيه ذكره الطيبي ‏(‏فإن الصدق ينجي‏)‏ أي فإن فيه النجاة وإن كان الإنسان يظن أن فيه الهلكة فإذا وجدت نفسك ترتاب من شيء فاتركه فإن نفس المؤمن الكامل تطمئن إلى الصدق الذي فيه النجاة من المهالك وترتاب من الكذب فارتيابك في شيء أمارة كونه حراماً فاحذره واطمئنانك علامة كونه حقاً فخذ به ذكره القاضي قال‏:‏ والنفس إذا ترددت في أمر وتحيرت فيه وزال عنها القرار استتبع ذلك العلاقة التي بينها وبين القلب الذي هو المتعلق الأول لها فتنتقل العلاقة إليه من تلك الهيئة أثراً فيحدث فيه خفقان واضطراب ربما يسري هذا الأثر إلى سائر القوى فتحس بانحلال وانهزال فإذا زال ذلك عن النفس وجدت لها قراراً وطمأنينة وقيل المعنى بهذا الأمر أرباب البصائر من أهل النظر والفكرة المستقيمة وأهل الفراسات من ذوي النفوس المرتاضة والقلوب السليمة فإن نفوسهم بالطبع تصبو إلى الخير وتنبو عن الشر فإن ‏[‏ص 529‏]‏ الشيء يتحبب إلى ما يلائمه وينفر عما يخالفه فيكون ما يلهمه الصواب غالباً‏.‏

- ‏(‏ابن قانع‏)‏ في المعجم ‏(‏عن الحسن بن علي‏)‏‏.‏

4213 - ‏(‏دع ما يريبك‏)‏ أي اترك ما تشك في كونه حسناً أو قبيحاً أو حلالاً أو حراماً ‏(‏إلى ما لا يريبك‏)‏ أي واعدل إلى ما لا شك فيه يعني ما تيقنت حسنه وحله ‏(‏فإن الصدق طمأنينة‏)‏ أي يطمئن إليه القلب ويسكن وفيه إضمار أي محل طمأنينة أو سبب طمأنينة ‏(‏وإن الكذب ريبة‏)‏ أي يقلق القلب ويضطرب وقال الطيبي‏:‏ جاء هذا القول ممهداً لما تقدمه من الكلام ومعناه إذا وجدت نفسك ترتاب في الشيء فاتركه فإن نفس المؤمن تطمئن إلى الصدق وترتاب من الكذب فارتيابك من الشيء منبيء عن كونه مظنة للباطل فاحذره وطمأنينتك للشيء مشعر بحقيقته فتمسك به والصدق والكذب يستعملان في المقال والأفعال وما يحق أو يبطل من الاعتقاد وهذا مخصوص بذوي النفوس الشريفة القدسية المطهرة عن دنس الذنوب ووسخ العيوب اهـ والحاصل أن الصدق إذا مازج قلب الكامل امتزج نوره بنور الأيمان فاطمأن وانطفأ سراج الكذب فإن الكذب ظلمة والطلمة لا تمازج النور‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الزهد ‏(‏حب عن الحسن‏)‏ بن علي قال الحاكم‏:‏ حسن صحيح وقال الذهبي‏:‏ سنده قوي ورواه عنه أيضاً النسائي وابن ماجه فما أوهمه صنيع المؤلف من تفرد الترمذي به من بين الستة غير صحيح‏.‏

4214 - ‏(‏دع ما يريبك إلى ما لا يريبك‏)‏ بفتح الياء وضمها والفتح أفصح ‏(‏فإنك لن تجد فقد شيء تركته للّه‏)‏ ولهذا قال بعضهم‏:‏ الورع كله في ترك ما يريب إلى ما لا يريب وفي هذه الأحاديث عموم يقتضي أن الريبة تقع في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الأحكام وإن ترك الريبة في ذلك كله ورع قالوا‏:‏ وهذه الأحاديث قاعدة من قواعد الدين وأصل في الورع الذي عليه مدار اليقين وراحة من ظلم الشكوك والأوهام المانعة لنور اليقين‏.‏

قال العسكري‏:‏ لو تأملت الحذاق هذا الحديث لتيقنوا أنه قد استوعب كل ما قيل في تجنب الشبهات‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ من حديث أبي بكر بن راشد عن عبد اللّه بن أبي رومان عن ابن وهب عن مالك عن نافع عن ابن عمر ثم قال أبو نعيم‏:‏ غريب من حديث مالك تفرد به ابن رومان عن ابن وهب ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة الباغندي من حديث قتيبة عن مالك عن نافع ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وظاهر صنيع المؤلف أن مخرجه الخطيب سكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه‏:‏ هذا الحديث باطل عن قتيبة عن مالك وإنما يحفظ من حديث عبد اللّه بن أبي رومان عن ابن وهب عن مالك تفرد به واشتهر به ابن أبي رومان وكان ضعيفاً والصواب عن مالك من قوله وقد سرقه ابن أبي رومان ـ إلى هنا كلامه‏.‏

4215 - ‏(‏دعهن‏)‏ يا ابن عتبك ‏(‏يبكين‏)‏ يعني النسوة التي احتضر عندهن عبد اللّه بن ثابت ‏(‏ما دام عندهن‏)‏ لم تزهق روحه بالكلية ‏(‏فإذا وجب فلا تبكين باكية‏)‏ قاله لما جاء يعود عبد اللّه بن ثابت فوجده قد غلب فصاح به فلم يجبه فاسترجع وقال‏:‏ غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجعل ابن عتبك يسكتهن فذكره فقالوا‏:‏ ما الوجوب يا رسول اللّه قال‏:‏ الموت‏.‏ وأخذ الشافعي وصحبه من هذا أنه يكره البكاء على الميت بعد الموت لأنه أسف على ما فات وأنه لا كراهة فيه فبل الموت بل صرح بعض أئمة الشافعية بندبه إظهاراً لكراهة فراقه‏.‏

- ‏(‏مالك‏)‏ في المؤطأ ‏(‏ن ك‏)‏ كلهم ‏(‏عن جابر بن عتبك‏)‏ بن قبس الأنصاري صحابي جليل من بني تميم‏.‏

4216 - ‏(‏دعهن يا عمر‏)‏ بن الخطاب يبكين ‏(‏فإن العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب‏)‏ بالموت فلا حرج عليهن في البكاء ‏[‏ص 530‏]‏ أي بغير نوح وتهوه قال الطيبي‏:‏ وكان الظاهر أن يعكس لأن قرب العهد مؤثر في القلب بالحزن والحزن مؤثر في البكاء لكن قدم ما يشاهد وفيه أنهن لم يزدن على البكاء النياحة والجزع اهـ وقضبته أنه بعد الموت غير مكروه خلاف ما اقتضاه الحديث الأول ويمكن حمل هذا على البكاء الاضطراري الذي لا يمكن دفعه إلا بمحذور يلحقه في جسده والأول على خلاف ذلك فلا تعارض‏.‏

- ‏(‏حم ن ه ك عن أبي هريرة‏)‏ قال‏:‏ مات ميت في آل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاجتمع النساء يبكين فقام عمر ينهاهنّ ويطردهن فذكره‏.‏

4217 - ‏(‏دعهن‏)‏ يا عمر ‏(‏يبكين وإياكن‏)‏ أيها النسوة التفت من خطاب عمر إلى خطابهن ‏(‏ونعيق الشيطان‏)‏ قالوا‏:‏ وما نعيق الشيطان قال‏:‏ ‏(‏فإنه‏)‏ أي الشأن ‏(‏مهما كان من العين والقلب‏)‏ من غير صياح ولا ضرب نحو خد ‏(‏فمن اللّه ومن الرحمة‏)‏ فلا لوم عليكن فيه ‏(‏ومهما كان من اليد‏)‏ بنحو خد وشق جيب ‏(‏واللسان‏)‏ من نحو صياح وندب ‏(‏فمن الشيطان‏)‏ أي لأنه الآمر به الراضي بفعله قال الطيبي‏:‏ ومهما حرف شرط تقول مهما تفعل أفعل ومحله رفع بمعنى أي شيء كان من العين فمن اللّه فإن قلت‏:‏ نسبته الدمع من العين والقول من اللسان والضرب باليد إن كان من طريق الكسب فالكل يصح من العبد وإن كان من طريق التقدير فمن اللّه فما وجه اختصاص البكاء باللّه‏؟‏ قلت‏:‏ الغالب في البكاء أن يكون محموداً فالأدب أن يسند إلى اللّه بخلاف قول الخناء والضرب باليد عند المصيبة فإنه مذموم وهذا قاله لما ماتت رقية بنته فبكت النساء فجعل عمر يضربهن بسوطه وفيه أنه يحرم الندب وهو تعديد الشمائل مع البكاء والنوح وهو رفع الصوت والجزع بضرب خد وشق ثوب وقطع شعر وتغيير لباس ونحو ذلك‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عباس‏)‏ قال في الميزان‏:‏ هذا حديث منكر فيه علي بن زيد بن جدعان وقد ضعفوه‏.‏

4218 - ‏(‏دعوا الحسناء العاقر‏)‏ التي لا تلد ‏(‏وتزوجوا السوداء الولود فإني أكاثر بكم الأمم يوم القيامة‏)‏ أي أفاخرهم وأغالبهم بكثرتكم وإنافتكم عليهم فأغلبهم والأمر للندب لا للوجوب‏.‏

- ‏(‏عب عن ابن سيرين مرسلاً‏)‏ هو أبو بكر بن أبي عمرة البصري ثقة ثبت عابد كبير القدر لا يرى الرواية بالمعنى‏.‏

4219 - ‏(‏دعوا الحبشة ما ودعوكم‏)‏ قيل قلما يستعملون الماضي من ودع ويحتمل كون الحديث ما وادعوكم أي سالموكم فسقطت الألف قال الطيبي‏:‏ ولا حاجة لهذا مع مجيئه في القرآن ‏{‏ما ودعك ربك‏}‏ بالتخفيف وقال المظهري‏:‏ كلام المصطفى صلى اللّه عليه وسلم متبوع لا تابع بل فصحاء العرب بالإضافة إليه أقل ‏(‏واتركوا الترك ما تركوكم‏)‏ أي مدة تركهم لكم فلا تتعرضوا لهم إلا أن تعرضوا لكم لما في غزوهم من المشقة ولقوة بأسهم وبرد بلادهم وبعدها ولكونهم أول من يسلب هذه الأمة ملكهم كما تقدم قال الخطابي‏:‏ والجمع بين هذا وبين قوله ‏{‏قاتلوا المشركين كافة‏}‏ أن الآية مطلقة والحديث مقيد فيحمل المطلق على المقيد ويجعل الحديث مخصصاً لعموم الآية وكل ذلك ما إذا لم يدخلوا بلادنا قهراً وإلا وجب قتالهم‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ عن عيسى بن محمد الرملي عن ضمرة عن الشيباني عن أبي سكينة ‏(‏عن رجل‏)‏ من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كذا هو في أصول متعددة والذي وقفت عليه في مسند الفردوس أن أبا داود خرجه في الملاحم عن ابن عمر ‏[‏ص 531‏]‏ هكذا قال‏.‏

4220 - ‏(‏دعوا الدنيا‏)‏ أي اتركوها ‏(‏لأهلها من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه‏)‏ لنفسه ومن يلزمه مؤونته ‏(‏أخذ حتفه‏)‏ أي هلاكه ‏(‏وهو لا يشعر‏)‏ بأن المأخوذ فيه هلاكه إذ هي السم القاتل فطلبها شين وقلتها زين فإن طلبها ليطلب بها البر وفعل الصنائع واكتساب المعروف كان على خطر وغرر وتركه لها أبلغ في البر‏.‏

- ‏(‏ابن لال‏)‏ في مكارم الأخلاق ‏(‏عن أنس‏)‏ وظاهره أنه لم يره مخرجاً لأشهر من ابن لال وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه والأمر بخلافه بل خرجه باللفظ المزبور عن أنس المذكور البزار وقال‏:‏ لا يروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا من هذا الوجه قال المنذري‏:‏ ضعيف وقال الهيثمي كشيخه العراقي‏:‏ فيه هانئ بن المتوكل ضعفوه‏.‏

4221 - ‏(‏دعوا الناس يصيب بعضهم من بعض‏)‏ لأن أيدي العباد خزائن الملك الجواد فلا يتعرض لها إلا بإذن فلا تسعروا ولا يبع حاضر لباد ولا تتلقوا الركبان ‏(‏فإذا استنصح أحدكم أخاه‏)‏ أي طلب منه أن ينصحه ‏(‏فلينصحه‏)‏ وجوباً فأفاد أن التسعير غير مشروع بل ورد في عدة أخبار النهي عنه وفي خبر للدارقطني أنه طلب من النبي صلى اللّه عليه وسلم التسعير فأبى وقال‏:‏ إن اللّه ملكاً اسمه عمارة على فرس من حجارة الياقوت طوله مد البصر يدور في الأمصار فينادي ألا ليرخص كذا وكذا قال السخاوي‏:‏ وأغرب ابن الجوزي في حكمه بوضعه‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا القضاعي ‏(‏عن أبي السائب‏)‏ قال‏:‏ مر النبي صلى اللّه عليه وسلم برجل وهو يساوم صاحبه فجاءه رجل فقال للمشتري‏:‏ دعه فذكره قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني‏:‏ وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط ورواه بهذا اللفظ من هذا الوجه أحمد ولعل المصنف ذهل عنه والمصنف رمز لصحة حديث أبي السائب فليحرر وروى مسلم دعوا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض‏.‏

4222 - ‏(‏دعوا لي أصحابي‏)‏ الإضافة للتشريف تؤذن باحترامهم وزجر سابهم وتعزيزه عند الجمهور قال النووي‏:‏ وهو من أكبر الفواحش وعياض من الكبائر وبعض المالكية يقتل ‏(‏فوالذي نفسي‏)‏ بسكون الفاء ‏(‏بيده‏)‏ أي بقدرته وتدبيره ‏{‏وإنه لقسم لو تعلمون عظيم‏}‏ ‏(‏لو أنفقتم مثل‏)‏ جبل ‏(‏أحد‏)‏ بضم الهمزة ‏(‏ذهباً ما بلغتم أعمالهم‏)‏ أي ما بلغتم من إنفاقكم بعض أعمالهم لما قارنها من مزيد الإخلاص وصدق نية وكمال يقين‏.‏ قال بعض الكاملين‏:‏ وقوله أصحابي مفرد مضاف فيعم كل صاحب له لكنه عموم مراد به الخصوص لأن السبب الآتي يدل على أن الخطاب لخالد وأمثاله ممن تأخر إسلامه وأن المراد هنا متقدمو الإسلام منهم الذي كانت له الآثار الجميلة والمناقب الجليلة في نصرة الدين من الإنفاق في سبيل اللّه واحتمال الأذى في سبيل اللّه ومجاهدة أعدائه ويصح أن يكون من بعد الصحابة مخاطباً بذلك حكماً إما بالقياس أو بالتبعية‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ وكذا البزار ‏(‏عن أنس‏)‏ قال‏:‏ كان بين خالد بن الوليد وابن عوف كلام فقال له خالد‏:‏ تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فذكره‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح‏.‏

4223 - ‏(‏دعوا لي أصحابي وأصهاري‏)‏ لما لهم من الفضائل والمآثر وبذل المهج في نصرة الدين، وظاهر صنيع المصنف ‏[‏ص 532‏]‏ أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الذي عزاه إليه فمن آذاني في أصحابي وأصهاري أذله اللّه تعالى يوم القيامة اهـ بلفظه‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في ترجمة معاوية من حديث وكيع عن فضيل بن مرزوق عن رجل من الأنصار ‏(‏عن أنس‏)‏ وفضيل إن كان هو الرقاشي فقد قال الذهبي‏:‏ ضعفه ابن معين وغيره وإن كان الكوفي فقد ضعفه النسائي وغيره وعيب على مسلم إخراجه له في الصحيح والرجل مجهول‏.‏

4224 - ‏(‏دعوا صفوان بن المعطل‏)‏ بفتح الطاء المشددة أي اتركوه فلا تتعرضوا له بشر‏(‏فإنه خبيث اللسان طيب القلب‏)‏ أي طاهره نقيه من الشرك والغش والخيانة والحقد والكبر والحسد وغير ذلك من الأمراض القلبية والعمل إنما هو على طهارة القلوب‏.‏

- ‏(‏ع‏)‏ وكذا الطبراني ‏(‏عن سفينة‏[‏غير مصغر هو مولى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يكنى أبا عبد الرحمن كان اسمه مهران أو غير ذلك وسفينة لقبه قال‏:‏ خرجت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم ومعه أصحابه يمشون فثقل عليهم متاعهم فحملوه عليَّ فقال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ احمل فإنما أنت سفينة‏]‏‏)‏ قال‏:‏ شكا رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم صفوان بن المعطل وقال هجاني فذكره‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عامر بن أبي صالح بن رستم وثقه جمع وضعفه جمع وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

4225 - ‏(‏دعوا صفوان‏)‏ بن المعطل فلا تؤذوه ‏(‏فإنه يحب اللّه ورسوله‏)‏ وما أحب اللّه حتى أحبه اللّه سمعت امرأة من العابدات تقول‏:‏ بحبك لي إلا غفرت لي ما غفرت لي فقيل‏:‏ أما يكفيك أن تقولي بحبي لك‏؟‏ قالت‏:‏ أما سمعت قوله ‏{‏ويحبهم ويحبونه‏}‏ فقدَّم محبته على محبتهم له‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن الحسن مرسلاً‏)‏ وهو البصري‏.‏

4226 - ‏(‏دعوني من السودان‏)‏ يعني من الزنج كما بينه في رواية أخرى ‏(‏فإنما الأسود لبطنه وفرجه‏)‏‏[‏هذا إذا سلم الحديث من الوضع‏.‏ أو قد يكون في حكم غير المتقين إذا غلبه الطبع‏.‏ وإلا فيقول تعالى ‏"‏إن أكرمكم عند الله أتقاكم‏"‏، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ‏"‏المسلمون إخوة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى ‏(‏9211‏)‏‏"‏ ويقول‏:‏ ‏"‏انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى ‏(‏2740‏)‏‏"‏‏.‏ دار الحديث‏]‏

أي لا يهتم إلا بهما فإن جاع سرق وإن شبع فسق كما في خبر آخر‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ عن محمد بن زكريا الغلابي عن عبد اللّه بن رجاء عن يحيى بن أبي سليمان المدني عن عطاء ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال‏:‏ ذكر السودان عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فذكره‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه محمد بن زكريا الغلابي وهو ضعيف، وقد وثقه ابن حبان وقال‏:‏ يعتبر حديثه إذا روى عن ثقة اهـ‏.‏ وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ‏[‏ولعله موضوع، حيث يخالف الأصول المذكورة في الحاشية السابقة وغيرها‏.‏ دار الحديث‏]‏ وقال يحيى‏:‏ منكر الحديث وتعقبه المؤلف بأن ابن حبان ذكره في الثقات وقال السخاوي‏:‏ سنده ضعيف إلا أن له شواهد يؤكد بعضها بعضاً‏.‏

4227 - ‏(‏دعوه‏)‏ يعني اتركوا يا أصحابنا، من طلب منا دينه فأغلظ فلا تبطشوا به ‏(‏فإن لصاحب الحق مقالاً‏)‏ أي صولة الطلب وقوة الحجة فلا يلام إذا تكرر طلبه لحقه لكن مع رعاية الأدب وهذا من حسن خلق المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وكرمه وقوة صبره على الجفاة مع القدرة على الانتقام وفيه أنه يحتمل من صاحب الدين الإغلاظ في المطالبة لكن بما ليس بقدح أو شتم ويحتمل أن القائل كان كافراً فأراد تألفه‏.‏

- ‏(‏خ ت عن أبي هريرة‏)‏ قال‏:‏ إن رجلاً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ له فهمّ به أصحابه‏[‏أي أراد أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يؤذوه بالقول أو الفعل لكن لم يفعلوا أدباً مع النبي صلى اللّه عليه وسلم‏]‏ فقال رسول اللّه‏:‏ دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً ثم قال‏:‏ أعطوه سناً مثل سنه قالوا‏:‏ لا نجد إلا أمثل من سنه قال‏:‏ أعطوه فإن خيركم أحسنكم قضاء للدين كذا رواه الشيخان معاً كما عزاه لهما النووي ثم العراقي فما أوهمه صنيع المؤلف أنه مما تفرد به البخاري غير صحيح‏.‏

‏[‏ص 533‏]‏ 4228 - ‏(‏دعوه‏)‏ أي المريض ‏(‏يئن‏[‏قال في المصباح‏:‏ أنَّ الرجل يئنُّ بالكسر أنيناً وأنا بالضم صوت فالذكر آن على وزن فاعل والأنثى آنة اهـ‏.‏‏]‏‏)‏ أي يستريح بالأنين أي يقول آه ولا تنهوه عنه ‏(‏فإن الأنين اسم من أسماء اللّه تعالى‏)‏ أي لفظ آه من أسمائه لكن هذا لم يرد في حديث صحيح ولا حسن وأسماؤه تعالى توقيفية ‏(‏يستريح إليه العليل‏)‏ فيه رد لما رواه أحمد عن طاوس أن أنين المريض شكوى وقول جمع شافعية منهم أبو الطيب وابن الصباغ أنين المريض وتأوهه مكروه رده النووي بأنه ضعيف أو باطل فإن المكروه ما ثبت فيه نهي مخصوص وهذا لم يثبت فيه بل ثبت الأذن فيه نعم استعماله بالذكر أولى وكثرة الشكوى تدل على ضعف اليقين ومشعرة بالتسخط للقضاء وتورث شماتة الأعداء أمّا إخبار المريض صديقه أو طبيبه عن حاله فلا بأس به اتفاقاً وحكى ابن جرير في كتابه الآداب الشريفة والأخلاق الحميدة خلافاً للسلف أن أنين المريض هل يؤخذ به ثم رجح الرجوع فيه إلى النية فإذا نوى به تسخط قضاء ربه أوخذ به أو استراحة من الألم جاز‏.‏

- ‏(‏الرافعي‏)‏ إمام الدين في تاريخ قزوين ‏(‏عن عائشة‏)‏ قالت‏:‏ دخل علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعندنا عليل يئن فلنا له‏:‏ اسكت فذكره‏.‏

4229 - ‏(‏دفن البنات من المكرمات‏)‏ أي من الخصال التي يكرم اللّه تعالى بها أباهن ونعم الصهر القبر لأنها عورة ولضعفها بالأنوثه وعدم استقلالها وكثرة مؤونتها وأثقالها وقد تجر العار وتجلب العدو إلى الدار أخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة أن الحبر ماتت له بنت فأتاه الناس يعزونه فقال‏:‏ عورة سترت ومؤونة كفيت وأجر ساقه اللّه تعالى فاجتهد المهاجرون أن يزيدوا فيها حرفاً فما قدروا وفي الفردوس عن الحبر نعم الكفء القبر للجارية وأما خبر الصهر القبر فلا أصل له‏.‏